من قلب قطاع غزة، حيث تتلاقى قصص الألم والصمود، تبرز حكاية الدكتورة آلاء القطراوي، الشاعرة والأديبة الفلسطينية، التي فقدت أطفالها الأربعة في قصف إسرائيلي استهدف منزل والدهم، تجسد هذه الملحمة الإنسانية معاناة أمٍّ فقدت فرحة قلبها وفلذة كبدها، وتحوّلت إلى رمز للصبر والقوة في وجه المحن.
من هي آلاء القطراوي؟
آلاء القطراوي، حاصلة على درجة الدكتوراه في الأدب والنقد من الجامعة الإسلامية بغزة، وشاعرة معروفة بأعمالها الأدبية التي تعكس واقع الحياة في فلسطين، كان لها من الأطفال أربعة: يامن (8 سنوات)، كنان وأوركيدا (توأم، 6 سنوات)، وكرمل (3 سنوات)، قبل أن تغتالهم آلة الحرب الإسرائيلية في هجوم وحشي تركها وحيدة تواجه الذكريات الأليمة للحظات الأخيرة التي لم تستطع إنقاذ أطفالها والوصول لهم، ويعتصر قلبها من الحزن.
الفاجعة: فقدان الأطفال الأربعة
في إحدى ليالي العدوان على غزة، تعرّض منزل عائلة القطراوي لقصف جوي، مما أدى إلى استشهاد الأطفال الأربعة، هذا الحادث المأساوي ترك جرحًا عميقًا في قلب آلاء، التي عبّرت عن حزنها العميق عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث كتبت:
"لم يبق في ظهري موضع من دون أن تنزّ منه الدماء، لكنني ما زلت أسير نحوك يا الله، لتُحبّني."
كانت الكلمات تخرج من قلب أمٍّ كسرت الحرب أحلامها، لكنها لم تفقد صمودها وإيمانها.
الخيط الرفيع: جرح لا يلتئم
تحدثت آلاء في أحد منشوراتها عن ألمها العميق بفقدان أطفالها، مستخدمة صورة رمزية مؤثرة لخيط جراحي تركه الأطباء بعد عمليات الولادة القيصرية التي خضعت لها:
"لقد أنجبتُ ثلاث مرات، ولم أجرب كيف تلد النساء بشكل طبيعي. في كل مرة، كان الطبيب يجري لي عملية قيصرية، وكان محترفًا إذ بعد كل عملية يترك خيطًا رفيعًا يصنعه بشكل تجميلي. النساء كلهن يتعجبن حين يعلمن ذلك، وغالبًا ما يقلن: لا يظهر عليك هذا، ولا يبدو أنك أنجبتي. أخبرتني إحداهن ذات مرة أنها ستعانقني لهذا السبب."
لكن الألم الحقيقي لم يكن الجرح الجسدي، بل الجرح العاطفي الذي لا يلتئم:
"أشعر بألم شديد في مكان ذلك الخيط التجميلي الرفيع، إلا أنه لم يكن يؤلمني في السابق. لكنني الآن أحسه وأراه كثيرًا، أستطيع تأمله جيدًا وقد بدأ يؤثر فيَّ، يؤلم قلبي وكبدي وروحي، وحتى أنه يؤلمني حين أتنفس بين الشهيق والزفير. لم تخبرني النساء بذلك مسبقًا، أن هذا الخيط الرفيع في جسدي سيذكرني في كل دقيقة بأنني أنجبت ولدًا وبنتًا وتوأمًا رائعين… ثم بقيت وحدي."
الصمود والتعبير الأدبي
رغم الألم الكبير، استمرت آلاء في استخدام قلمها للتعبير عن معاناتها ومعاناة الشعب الفلسطيني. أصبحت قصائدها ورسائلها مصدر إلهام للكثيرين، حيث تعكس قوة الإرادة والصبر في مواجهة الظلم.
التضامن والدعم
قصة الدكتورة آلاء القطراوي لاقت تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر الكثيرون عن تضامنهم معها، كان الفنان اللبناني مارسيل خليفة من بين الداعمين، إذ أهدى لها أغنية خاصة قال فيها:
"آلاء، أفي مثل هذا الأحد من سنة على حافة الشباك تنتظرين: يامن وكنان وأوركيدا وكرمل؟"
تجسد قصة الدكتورة آلاء القطراوي معاناة العديد من الأمهات الفلسطينيات اللواتي فقدن أحبتهن في حرب الإبادة القاسية، ورغم الألم والفقدان، تظل كلماتها شاهدًا على صمود وإرادة لا تنكسر، مؤكدة أن الحب والأمل يمكن أن ينبثقا حتى من أعمق الجراح.