مما لا بد من تأكيده للدول العربية والإسلامية التي تتراوح مواقفها تجاه الحرب الإجرامية على غزة بين الضعيف والباهت والخائن؛ أن التآمر على المقاومة في غزة على المدى القريب، إنما هو مؤامرة على بلادكم جميعا على المدى البعيد والمتوسط، بل سيمتد أثرها إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة.
فإن منتهى أحلام هذا العدو ليس غزة أو القدس أو حتى فلسطين، وإنما هدفه الهيمنة المباشرة على المنطقة كلها، وذلك واضح في تصريحات كثير من الصهاينة وإشاراتهم التلمودية المتطلعة إلى النيل من كل بلاد المسلمين، أما سمعتم صيحاتهم وشعارهم: "يا لثارات خيبر".
إن سقوط حصن غزة -لا قدر الله تعالى- هو سقوط حقيقي لعروشكم وبلادكم على التوالي، بعد ذلك دون أي تأخير ولا إمهال، وعليكم أن توقنوا اليقين التام أن المقاومة في فلسطين هي جدار الصد الأول عن بلاد المسلمين جميعا وليس دفاعا عن فلسطين وحدها
وإن إطلاق يد أمريكا والكيان الغاصب يذبحون الشعب الفلسطيني اليوم في غزة إنما هو إطلاق لأيديهم في ذبح شعوبكم وبلادكم في غد القريب، بل ذبحكم أنتم قبل شعوبكم.
وإن سقوط حصن غزة -لا قدر الله تعالى- هو سقوط حقيقي لعروشكم وبلادكم على التوالي، بعد ذلك دون أي تأخير ولا إمهال، وعليكم أن توقنوا اليقين التام أن المقاومة في فلسطين هي جدار الصد الأول عن بلاد المسلمين جميعا وليس دفاعا عن فلسطين وحدها، ودفاعا عن قداسة مكة المكرمة والمدينة المنورة وليس عن بيت المقدس وحده.
لذلك فإننا نقول بالفم الملآن: أفيقوا قبل فوات الأوان، وإن أمة لديها رجال ومجاهدون مثل كتائب القسام، وسرايا القدس وغيرها، وشعوب كشعب غزة في صبره وثباته وإرادته لا ينبغي لها أن تضعف ولا أن تهون، وعليها أن تبذل كل الوسع لدفع المعتدين بثقة ويقين، وتهدد بكل ما يضغط على أمريكا إسهاما في الحفاظ على هذا المشروع، وحفاظا على شرف الأمة وأملا لها في التخلص من كل خضوع لعدوانها.
هذا وإن كتائب القسام قد أضاءت للأمة قبسا من كرامة وعزة ونصر يوم السابع من أكتوبر، وإن كثيرا من حكام الأمة ما زالوا ينفخون ويتآمرون لإطفائه، ويمالئون الأعداء على ذلك بغية طمسه وهدمه، بدافع من غباء الخيانة أو الهوان والضعف والخنوع أو بها جميعا، وإن هذا هو مراد أعدائكم عن وعي وتخطيط ودراية، وإنه والله إن تم لهم مرادهم ـ لا قدر الله تعالى ـ فسوف تعيشون ظلاما دامسا، وهوانا متجددا فوق الذل الذي أنتم فيه، وإذا كانت أمريكا تسترضيكم أحيانا وتبدي لكم المودة في بعض المواقف إغراء لكم على شعوبكم وتسليطا لكم على مواطن الشرف والكرامة في الأمة ليتمكنوا من هدمها، لكنها بعد ذلك لن تعاملكم إلا بوصفكم رقيقا وعبيدا لها ولكيان الغصب الصهيوني، وستصبح بلادكم ــ لا قدر الله تعالى ــ بلادكم إن تم لها الأمر مرتعا للصهاينة يعيثون فيها فسادا وإفسادا، ولن تسلم لكم عروشكم طويلا.
ألا فاستيقظوا اليوم وما يزال ليقظتكم باب يمكنكم أن تلجوا منه إلى العزة والكرامة، قبل أن يأتي يوم لا تنفعكم محاولة الاستيقاظ بعد تمكن العدو من رقابكم وأعراضكم ودياركم وعروشكم، وتكونون عبيدا لا تملكون عن أنفسكم دفعا إذا نيل من المجاهدين وكسرت شوكتهم لا قدر الله.
أملي أن تجد هذه الدعوة سبيلا إلى قلوب من لا زال في نفوسهم بعض التطلع إلى الكرامة، والخروج من الهوان الذي يفرضه الغرب على البشرية عامة وعلى بلادنا خاصة منذ أكثر من قرن.
وإني لأعلم أن منكم من لن ينفعه هذا النداء وهذه الصرخة قطعا، فقد أصبح جزءا من مشروع الأعداء، يدبر معهم ويدعم إجرامهم وهو يجني على نفسه ويتآمر على مستقبله القريب التام، فلن يقبلوه بعد ذلك حتى ولو عميلا وخائنا، مصداقا لقوله تعالى في سورة البقرة: "ولن ترضىٰ عنك اليهود ولا النصارىٰ حتىٰ تتبع ملتهم ۗ قل إن هدى الله هو الهدىٰ ۗ ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ۙ ما لك من الله من ولي ولا نصير"
ومنكم من هو خائر لا يجرؤ حتى على النظر في هذه الدعوة ويضع أصبعيه في أذنيه كي لا يسمع الصرخة، فهو لا يرى في الدنيا شيئا أكبر من أمريكا، وما نفعته كل عبارات الأذان التي يسمها من مساجد بلاده تردد "الله أكبر"
غير أن أملي أن تجد هذه الدعوة سبيلا إلى قلوب من لا زال في نفوسهم بعض التطلع إلى الكرامة، والخروج من الهوان الذي يفرضه الغرب على البشرية عامة وعلى بلادنا خاصة منذ أكثر من قرن.
وإن الصهاينة قد جاؤوا إلى بلادنا محتلين مغتصبين منذ خمس وسبعين سنة ومارسوا ضد الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة ألوانا من العدوان والاجرام وصالوا وجالوا في ظل خنوع الأنظمة العربية وخوفها من الكيان، وتخويف شعوبها بأن الجيش الصهيوني لا يقهر واستسلمت أكثر البلاد ومضت عليها هذه الدعاية وألقي في قلوبها الوهن، واليوم وبعد أن مسحت هذه الصورة من عقول المسلمين، بل من عقول البشر جميعا بفضل الله تعالى ثم بسواعد المجاهدين الأبطال من كتائب القسام يوم السابع من أكتوبر فإنه لا ينبغي اليوم التراجع إلى الوراء، وإن من الخيانة العظمى التفريط بما وصلنا إليه وبما حققه المجاهدون بتضحياتهم وجهادهم ودماء شعبهم.
وعلى الأمة جميعا أن تستنفر جهودها وإمكاناتها للاستمرار في تحقيق إرغام هذا العدو وصد عدوانه، فقد بدأ العد التنازلي لهذا العدو وكيانه الغاصب، وإن خذلان الأمة هو الذي يمنحه فرصة جديدة للاستمرار في عدوانه ومنحه عمرا جديدا بعد أن شارف على الزوال، هي صرخة نذير في آذانكم وقلوبكم؛ "إن في ذٰلك لذكرىٰ لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد".