يواصل الاحتلال عدوانه المكثف على مجمع الشفاء الطبي ومحيطه غرب مدينة غزة، لليوم السادس على التوالي، وقد حول المجمع إلى حمام دم، بعد أن قتل العشرات داخله، معظمهم جرى إعدامهم بدم بارد.
ويخضع المجمع الذي يقع في حي الرمال غرب مدينة غزة، لحصار إسرائيلي مطبق، مع سيطرة كاملة لجيش الاحتلال على جميع أقسامه، وحصار منازل وعمارات سكنية في محيطه، يتواجد بداخلها آلاف المواطنين.
كما حاصر الاحتلال عشرات المرضى والأطباء داخل المجمع، إضافة لمئات النازحين ممن كانوا بداخله، وسط ظروف إنسانية عصيبة، مع انعدام الماء والغذاء داخل المجمع.
ولم يكتف الاحتلال بعدوانه على المجمع المذكور، إذ هاجمت آلته الحربية مناطق مجاورة، بعد أن قصفت طائراته ودباباته منازل، وشقق سكنية، وأحرقت بيوت، ومناطق يتواجد فيها المواطنون، ما تسبب بسقوط عشرات الشهداء والجرحى، لم يتسن إخلائهم، حتى لحظة إعداد التقرير.
إعدامات بالجملة
وأكدت مصادر مطلعة، أن جيش الاحتلال نفذ عمليات إعدام ميدانية داخل المجمع، إذ قال مواطنون من داخل المجمع، أن جنود من جيش الاحتلال نقلوا عدداً من الشبان وهم معصوبي الأعين، ومقيدين من الخلف باتجاه ثلاجات حفظ الموتى، ثم سمعوا أصوات طلقات نارية، بعدها عاد الجنود بدون الشبان.
كما أفاد مواطنون بمشاهدة جثامين داخل المجمع وفي محيطه، عليها آثار إطلاق نار من مسافة قصيرة، في الرأس مباشرة.
ووفق وسائل إعلام عبرية، فقد اعترف جيش الاحتلال بإعدام وقتل 170 فلسطينيًا منذ بدء عمليته في مجمع مستشفى الشفاء بغزة، 50 منهم خلال اليوم الرابع من العدوان على المجمع، إضافة لاعتقال نحو 800 مواطن.
كما فجر جيش الاحتلال مبنى الجراحات التخصصي في مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، وسط انقطاع الاتصال بشكل كامل بجميع الطواقم الطبية داخله، بعد تهديد الجيش الإسرائيلي لجميع من بداخله بإخلائه فوراً، حيث تناشد عائلات داخله الصليب الأحمر والمؤسسات الدولية التوجه إلى المجمع لإنقاذهم.
وطالب المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالتدخل الفوري، لوقف المذبحة المستمرة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة.
وقال المرصد: إن المذبحة أدت إلى استشهاد عدد كبير من الفلسطينيين، العديد منهم تعرضوا لعمليات قتل عمد، وإعدام خارج نطاق القانون والقضاء بعد اعتقالهم.
ووثق المرصد شهادات لمحتجزين مُفرج عنهم، وشهود عيان، تفيد بتنفيذ قوات الاحتلال جرائم قتل وإعدامات غير قانونية بحق مدنيين نازحين داخل مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، في إطار عملياته العسكرية المستمرة هناك.
وأكد المرصد أن قوات الاحتلال ما تزال تحتجز تعسفاً مئات المواطنين، بمن فيهم مرضى عاجزون عن الحركة، وطواقم طبية دون طعام أو شراب أو كهرباء، لليوم الخامس على التوالي، مع أجواء ترهيب، وإطلاق نار مستمر وكثيف.
محاصرون يناشدون لإنقاذهم
وناشد مئات المحاصرين، بينهم أطفال ونساء، منهم جرحى وشهداء، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومؤسسات حقوقية وأممية، بالتدخل من أجل إنقاذهم، وفك الحصار الإسرائيلي عنهم، والسماح لهم بمغادرة منازلهم، وإخلاء الشهداء والجرحى المتواجدين بداخلها.
ومن أصعب المناشدات التي وصلت، كانت من مصابين ومحاصرين في بناية قيد الانشاء بين مبنى التلفزيون القديم وكيرفور"، مملوكة لعائلة حلس، حيث ناشد المحاصرون الصليب الاحمر والجهات المختصة لإنقاذ حياة المصابين والمحاصرين في المكان، إذ أكد مرسلو المناشدة أن ثمة أطفال من بينهم مصابين ينزفون، وأن والديهم وأهلهم استشهدوا.
وأكد الهلال الأحمر والدفاع المدني في مدينة غزة، استمرار وصول مناشدات من قبل بعض أصحاب المنازل المحيطة بمجمع الشفاء الطبي، والتي تم قصفها منذ بدء اجتياح المجمع، ولكن لا يوجد تنسيق لدخول طواقم الإنقاذ لتلك الأماكن، ولا يوجد ضمانات لحماية الطواقم حال حاولت الوصول للضحايا.
وأشار الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل، إلى أن الاحتلال الاسرائيلي يمتنع عن التنسيق مع جهات دولية، كاللجنة الدولية للصيب الأحمر، من أجل السماح لطواقم الدفاع المدني للوصول لإنقاذ مئات المواطنين الجرحى، المحاصرين في محيط مجمع الشفاء الطبي غرب غزة، الأمر الذي يحول دون الوصول اليهم وتقديم المساعدة لهم.
وشدد بصل أن قرار الاحتلال منع التنسيق هو إمعان في سياسة الإعدام البطيء للمواطنين الأبرياء والجرحى المحاصرين.
كما أكدت مصادر محلية أن جيش الاحتلال بدأ باقتحام بعض المنازل، واعتقال مواطنين رجال منها، في حين أجبر النساء والأطفال على النزوح باتجاه الجنوب من خلال شارع الرشيد الساحلي.
حصار وتجويع
كما يحاصر الاحتلال أكثر من 150 مريضاً كرهائن في غرفة واحدة داخل المجمع، معظمهم من الغير القادرين على الحركة ومصابين بالأقدام.
ووفق وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن المرضى ينامون ويجلسون طوال وقتهم على أرضية الغرفة بدون أسرة، في مبنى الأمير نايف داخل المجمع.
وبحسب المعلومات التي وصلت وزارة الصحة، فإن تدهور كبير طرأ على صحة المرضى والجرحى المحاصرين، وبعضهم فارقوا الحياة، وآخرون أصيبت جروحهم بتسمم، لدرجة أن "الدود" خرج من جروح المرضى، نتيجة عدم وجود أي اهتمام ومتابعة طبية، خاصة على صعيد الغيار والإجراءات الروتينية اليومية.
وحذرت وزارة الصحة من أن عدد كبير من المرضى قد يفارق الحياة في أي وقت، في حال تضاعفت حالتهم الصحية على نحو أكبر، خاصة على صعيد الالتهابات الحادة.
من جهته أكد الناطق باسم وزارة الصحة بغزة الدكتور أشرف القدرة، أن الاحتلال قصف عدة مباني، وأحرق قسم الشرايين في مجمع الشفاء الطبي.
وأوضح القدرة أن الاحتلال يحتجز نحو 240 من المرضى ومرافقيهم، و10 من الكوادر الصحية في مركز الأمير نايف بمجمع الشفاء الطبي، كما اعتقلت قوات الاحتلال عشرات الكوادر الصحية من داخل مجمع الشفاء الطبي.
جرائم على مرأى ومسمع العالم
من جهته أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن اقتحام جيش الاحتلال لمجمع الشفاء الطبي بالدبابات، والطائرات المسيرة، والأسلحة المختلفة، وإطلاق النار بداخله، جريمة حرب، تؤكد النية المبيتة للاحتلال بالقضاء على القطاع الصحي وتدمير المستشفيات.
وأضاف المكتب الإعلامي أن جيش الاحتلال اقتحم مجمع الشفاء الطبي بالدبابات والجنود المدججين بالأسلحة وبالطائرات المُسيرة، في جريمة حرب تضاف إلى "السجل الأسود" لجيش الاحتلال، الذي مازال يرتكب الجرائم والمجازر المختلفة، ومازال يبيت النية بالقضاء على القطاع الصحي وتدمير المستشفيات".
بينما أكد المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، أن "إسرائيل" تستبيح بشكل مروع دماء وأرواح الفلسطينيين في مدينة غزة، وتحرق عشرات المنازل في محيط مجمع الشفاء الطبي.
ووثق المرصد إفادات صادمة عن سلسلة جرائم ارتكبتها القوات الإسرائيلية خلال الساعات الأخيرة، تشمل عمليات قتل عمد وإعدام، وقطع الاتصالات، وقصف مكثف استهدف المناطق السكنية والمنازل.
وشملت الاعتداءات الإسرائيلية كذلك تعرية مدنيين، واستخدامهم كدروع بشرية، واقتحام للمنازل السكنية، وشن حملات اعتقال من داخلها، وتنكيل بالسكان، بمن في ذلك النساء والأطفال.
وأكد المرصد أنه وثق إعدام القوات الإسرائيلية المُسن "فريج وصفي الحلاق" خلال تواجده في ساحة مجمع الشفاء، بعد إطلاق النار عليه، وتركه عمدًا ينزف لعدة ساعات دون تقديم أي خدمات إسعافية لإنقاذ حياته.
وأفاد أفراد من عائلة "السيد" التي تقطن في محيط مجمع الشفاء، باقتحام عمارتهم السكنية بموعد الإفطار، واعتقال جميع الرجال، قبل طرد النساء والأطفال، وإجبارهم على النزوح وحرق العمارة بالكامل.
وأضاف المرصد: "نتلقى مناشدات بشأن عمليات تنكيل وتعذيب شديد يتعرض لها مرضى وجرحى، كانوا يرقدون للعلاج داخل مجمع الشفاء، بما في ذلك محاصرتهم وإبقائهم دون علاج أو طعام، وجرهم على الأرض، وإبقائهم مستلقين أمام الدبابات، من دون أن يتضح مصيرهم بعد.
وحذر المرصد من استمرار "إسرائيل" في محاولتها لإفراغ مدينة غزة والشمال من ساكنيها، وإجبارهم على النزوح قسرًا نحو الجنوب، من خلال أوامر التهجير القسرية، تحت وطأة العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين، والتجويع، والحصار.
وكان جيش الاحتلال سبق وأعلن عن تنفيذ عملية بمجمع الشفاء الطبي في غزة، تهدف لتصفية واعتقال مطلوبين، يتواجدون داخل المجمع، وفق مزاعم الاحتلال.
كتب : محمد الجمل