عمق الاحتلال جرائمه في قطاع غزة، بعد العدوان البري والجوي الواسع الذي استهدف مناطق شرق محافظة رفح، ورافقه إغلاق للمعبر الحدودي الوحيد المفتوح باتجاه القطاع، وارتكاب جرائم ومجازر مروعة، بحق المدنيين الأبرياء.
فقد استفاق سكان محافظة رفح صباح أمس الاثنين السادس من أيار الجاري، على منشورات تتساقط من الجو، تحمل إنذارات بإخلاء لنحو 35% من مساحة المحافظة، أمر الاحتلال خلالها أكثر من 400 ألف مواطن ونازح بمغادرة منازلهم فوراً، بدعوى أنها تقع ضمن مناطق قتال خطيرة.
وما هي إلا ساعة فقط من وقت نزول المنشورات، حتى بدأت الغارات الجوية بصورة عنيفة ومكثفة، رافقها قصف مدفعي، استهدف جميع أحياء شرق المحافظة.
مجازر مروعة
ومع الساعات الأولى من بدء العدوان، بدأت طائرات الاحتلال بموجة قصف واسعة وغير مسبوقة على مدينة رفح، استهدفت خلالها أكثر من 30 منزل مأهول، ما تسبب بسقوط عشرات الشهداء والجرحى.
ولم تقتصر الغارات المذكورة على مناطق شرق رفح، إذ تعدت ذلك، ووصلت إلى مناطق الوسط والغرب، حيث شهدت الساعات إل 20 الأولى من العدوان قصف مباغت ومباشر لمنازل عرف منها: لعائلة عويضة، بارود، الهمص، أبو عمرة، الشمالي، الدربي، عبد العال، وغيرهم الكثيرين.
وقال ضباط إسعاف لـ"فلسطين بوست"، إن المجازر والقصف في رفح كان الأكبر والأوسع منذ بدء العدوان، وعلى مدار الساعة تلقت مراكز الإسعاف والطوارئ نداءات استغاثة من مواطنين، يطلبون سيارات إسعاف وأطقم دفاع مدني لانتشال شهداء وجرحى، والكثير من المناشدات تم تلبيتها، ووصول الإسعافات لمناطق القصف، وأخرى كان من الصعب الاستجابة لها، بسبب وقوع القصف في مناطق مصنفة "حمراء"، وهي مناطق يمنع الاحتلال طواقم الإسعاف من الوصول إليها.
وقال المواطن عبد الرحمن سليم، من سكان حي التنور شرق رفح، إن الغارات والقصف المدفعي كان عنيف، وجرى استهداف النازحين وهم يغادرون منازلهم، خاصة على شارع صلاح الدين شرق رفح.
وأكد سليم أنه شاهد خلال فراره من المنزل شهداء وجرحى في الشوارع، والطائرات تلاحق كل شخص يسير على شارع صلاح الدين، وتطلق النار والصواريخ تجاه المواطنين.
وأوضح أن ما يحدث شرق رفح، إعدامات للمدنيين، والقصف يطال كل شارع وحي، مع تعمد الاحتلال إطلاق قنابل حارقة، أدت إلى اندلاع حرائق كبيرة في المنطقة.
بينما قال المواطن محمود الشيخ، إن اقاربه محاصرين في منطقة الشوكة، التي تقع أقصى شرق رفح، وأخبروه أن الوضع هناك كارثي، والاحتلال يتعمد قتل كل شخص يراه، وعشرات المواطنين محاصرين في منازلهم، ولا أحد منهم يستطيع التحرك.
بينما أكد مواطنون لـ"فلسطين بوست"، أن الاحتلال لم يمنحهم حتى ساعات للخروج من المنازل، وباشر بالقصف على المنازل والشوارع، ما نشر الخوف والرعب، وقتل وجرح العشرات من المواطنين وهم ينزحون.
خروج مستشفى النجار عن الخدمة
أجبر الاحتلال طواقم مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار بمحافظة رفح، على إخلائه فوراً، تحت وقع التهديد والقصف، ما تسبب بخروج المشفى الوحيد في المحافظة عن الخدمة.
وتعمد الاحتلال إخراج مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار عن الخدمة بشكل كامل، عبر وضع مربع المستشفى الكائن في حي الجنينة شرق محافظة رفح، في ضمن مربع الإخلاء، إضافة لاستهداف محيطه بالقصف، ما أجبر الأطقم الطبية على إخلائه، ونقل المرضى والجرحى.
وبات المصابون والمرضى يُنقلون إلى المستشفى الكويتي التخصصي وسط رفح، وهو مشفى خيري صغير، كان مخصص بالأساس للعمل كعيادات خارجية، وعمليات جراحية بسيطة دون مبيت.
ودفع كثرة الجرحى في رفح بسبب كثافة القصف، لنقل المصابين الى مستشفى غزة الأوروبي رغم خطورة موقعه، حيث يقع على حافة الاخلاء قرب رفح.
وأكد أطباء في مستشفى الكويتي، أن الوضع الصحي في رفح صعب، وبات على حافة الانهيار، فحتى المستشفيات الميدانية التي جرى إنشائها مؤخراً مكتظة من قبل العدوان، ولا تستطيع استيعاب الجرحى.
بينما قال الدكتور صهيب الهمص، مدير المستشفى الكويتي التخصصي، إن محافظة رفح تمر بكارثة صحية كبيرة في ظل القصف الإسرائيلي المستمر والمكثف على المحافظة، موضحاً أن المستشفى الكويتي التخصصي هو المستشفى الوحيد الذي يعمل الآن، وبأقل الإمكانات، بعد خروج مستشفى النجار عن الخدمة، وتصنيفه ضمن المنطقة الحمراء.
وبين الهمص أن مستشفى الكويت يستقبل عشرات الشهداء والاصابات على مدار الساعة، ويوجد صعوبة في التعامل مع الإصابات، لعدم وجود إمكانات، مناشداً الطواقم الطبية بالوقوف عند واجباتها ومسؤولياتها، والتوجه العاجل للمستشفى الكويتي، لوجود نقص حاد في الكوادر الطبية التخصصية.
وأعلن الهمص عن توقف جهاز الأشعة الوحيد في المستشفى، نتيجة ضغط الحالات، مناشداً وزارة الصحة، والمؤسسات الصحية الدولية والعربية، لفتح وتفعيل المستشفيات الميدانية، التابعة لها، لاستقبال الاصابات.
احتلال المعبر
أعادت عشرات الدبابات الإسرائيلية احتلال معبر رفح جنوب شرق محافظة رفح بصورة كاملة، ما تسبب بإغلاقه في وجه المسافرين، ومنع وصول المساعدات الإنسانية للقطاع.
وأكدت مصادر لـ"فلسطين بوست"، أن قوات كبيرة من جيش الاحتلال تتواجد داخل وفي محيط معبر رفح، بينما تقوم جرافات عسكرية بأعمال تجريف واسعة داخل وفي محيط المعبر، إذ نشر الاحتلال صور آليات عسكرية تتواجد داخل المعبر، وسط رفع علم دولة الاحتلال داخله.
وقالت مصادر مطلعة أن الاحتلال أعدم 20 مواطن من العاملين على تأمين المساعدات، خلال تواجدهم في معبر رفح أمس، نافية أن يكون أحد من طواقم المعبر جرى إعدامه أو اعتقاله كما يزعم الاحتلال، نظراً لأنهم غادروا قبل دخول الدبابات للمعبر.
وفور إغلاق المعبر بدأت السلع والمواد الغذائية تشح من الأسواق، في ظل تهافت المواطنين على شرائها، خشية أن تطول فترة إغلاق المعبر، حيث شهدت أسعار السلع الغذائية ارتفاع كبير.
بينما أكد باعة وتجار حدوث شح كبير في السلع في الأسواق، وارتفاع أسعارها، وسط حالة من الخوف والذعر، من حدوث مجاعة، بعد سيطرة الاحتلال على معبر رفح، وإغلاق منافذ وصول المساعدات الإنسانية للقطاع.
ويقول المواطن وائل حسن، ويعمل في المجال الإغاثي، إن اغلاق المعبر كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فأكثر من 2 مليون شخص في القطاع باتوا بلا أي مصدر للغذاء أو الوقود.
وأوضح أن الكارثة ستظهر في وقت قريب، مع توقف محطات المعالجة وآبار المياه عن العمل، وتعمق أزمة الغذاء.
وأكد أن احتلال مناطق شرق رفح، أدى إلى احتجاز كميات كبيرة من المساعدات، المتواجدة حالياً في مخازن ومستودعات موجودة شرق المحافظة، ما حرم المواطنين منها.
وطالب مواطنون العالم بإجبار الاحتلال على تحمل مسؤولياته المدنية على قطاع غزة، بعد احتلال معبر رفح، وعليه أن يوفر كل احتياجات 2 مليون مواطن، خاضعون لاحتلال كامل.
كتب : محمد الجمل