بالرغم من عمليات الاحتلال المتتالية التي تهدف لاغتيال المقاومين في المخيمات الفلسطينية لا سيّما طولكرم، جنين، ونابلس، إلا أن المقاومة في المخيمات تزداد قوةً وإصراراً على استرجاع الحق المسلوب وإن كلفهم ذلك انتزاع زهرة أعمارهم من بلادهم، فداءً لها.
فالعدوان الإسرائيلي على غزة يعيش نظيره ضد مخيمات الضفة الغربية يُطلق عليه الفلسطينيون "الحرب الصامتة" عبر استخدام القوة والعنف المفرطيّن.. حيث تدمير البنى التحتية، وفرض الحصار، وتجريف الطرقات، ناهيك عن القصف الجوي للمنازل التي تأوي مطاردين.
في السياق يقول الكاتب، عبد الجواد عمر في حديثه لفلسطين بوست: "منذ السابع من أكتوبر، تستغل قوات الاحتلال "طوفان الأقصى" كذريعة، لرفع مستوى المواجهة سعياً لإنهاء حالة المقاومة في شمال الضفة الغربية، حيث استمرت المقاومة في تطوير قدراتها وخلق سبل استمرارها عبر الزمن، ويمكن القول إن أهم العوامل التي ساهمت في ذلك هي الدعم العسكري واللوجستي، وتطور الجدل التكتيكي بين المقاومة وقوات الاحتلال، وتغير استراتيجية المقاومة من التمركز الدفاعي إلى الانتشار والتحرك المستمر" .
ويُبين عمر أن "المقاومة تحولت من التمترس في فضاءات معينة إلى التواري والظهور بإيقاع يمنع تركزها في موقع معين، مما يصعب عمليات تصفيتها"، لافتاً إلى أنه رافق ذلك "تطور ملحوظ في العمل الدفاعي الذي بدأ يتخذ شكل الكمائن المفخخة والمتفجرات" .
وحول المعطيات الجديدة في جنين وطولكرم، أردف: "هناك تعلم سريع في بنية المقاومة يترجم إلى شكل ونوع العمليات التي تقوم بها، وبالتالي إلى تصاعد خطورتها على القوات الإسرائيلية المتوغلة، فالمقاومة تسعى لانتزاع ثمن من كل دخول بري أو عملية خاصة تقوم بها قوات الاحتلال" .
وشدد على أن "ملامة تفوق المقاومة على الاحتلال بدأت واضحة في توقع حركاته، وتصوير العمليات، والثمن التي تنتزعه من القوات المتوغلة" .
وختم قائلاً: "تصاعد دور المقاومة في شمال الضفة يعزز إمكانية ظهور بديل للسلطة الحالية في الضفة الغربية، هذا الوضع بدأ بإرباك القيادات الحاكمة، فمن جهة لم تتمكن دولة الاحتلال حتى الآن من القضاء على المقاومة، ومن جهة أخرى، تسهم محاولة السلطة الفلسطينية في مكافحة المقاومة إلى تحول التمرد العسكري بوجه الاحتلال إلى تمرد شعبي أوسع. ما تقوم به دولة الاحتلال من تدمير للبنى التحتية ليس بجديد على مستوى المواجهة، والافراط باستخدام أدوات القوة المتاحة يرتبط بتناقضاته ما بين مجتمع يملك قوة تدمير هائلة، وما بين الخوف ومحاولات التقليل من التضحيات بصفوف جنوده، ومما يراه ضرورة صدم وترويع للحاضنة الشعبية بهدف دفعها لان تتخلى عن المقاومين والمقاومة" .
وأمام كل العتاد العسكرية الإسرائيلية الضخمة والمتقدمة التي تقتل الفلسطينيين أينما حلوا، يقف المقاومون بأسلحتهم البسيطة، وعدتهم المتواضعة محاولين تطوير خبراتهم وأدواتهم.. فتصدرت إلى الواجهة في الفترة الأخيرة العبوات الناسفة، التي تستهدف الآليات الإسرائيلية، حيث خلف آخر استهداف مقتل جندي وإصابة 17 آخرين، في مخيم جنين.
عن ذلك يقول عصمت منصور، لفلسطين بوست: "ينظر الاحتلال الإسرائيلي إلى تطور العبوات الناسفة في يد المقاومة الفلسطينية بمنتهى الخطورة، كونها ليست سلاحاً يمكن مصادرته والتخلص منه، بل هي نقل للخبرة بين شبكة من المقاومين، تحتاج إلى مواد لوجستية، وإمكانيات لا بأس بها" .
تابع: "بالتالي وصول هذه الخبرة إلى الضفة تجعل دخول القوات الإسرائيلية إلى مدنها أو مخيماتها وقراها غير آمنة، لذلك يحاول الاحتلال جاهداً استهداف المطاردين وكسر حاضنتهم الشعبية، لكنه أثبت فشله في تحقيق ذلك طوال السنوات الأخيرة الماضية" .
كتبت : حنين قواريق
