"عين سامية" المنطقة الأحب والأكثر شهرة لقرى شرق محافظة رام الله، شريان الحياة لقرية كفر مالك المجاورة على وجه الخصوص لا تكاد تسلم أيضاً من اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه عليها في محاولة لفرض سيطرتها عليها وسلبها من مالكيها.
وتقع "عين سامية" على السفوح الشرقية لجبال رام الله المطلة على غور الأردن، وتعد بمثابة السلة الغذائية لبلدة كفر مالك، حيث تزرع بالحبوب، والزعتر، والحمضيات، والخضار.
سياسة تهجير
في مايو المنصرم، غادرت 37 أسرة تضم 200 شخص من بدو الكعابنة منطقة عين سامية بسبب مضايقات الاحتلال ومستوطنيه قسراً، بعد أن استقروا فيها منذ ثمانينيات القرن الماضي.
يتجمع بدو الكعابنة منذ ثمانينيات القرن الماضي بمنطقة عين سامية، بينما يقدم المستوطنون على مدار سنوات ماضية على الاعتداء عليهم ومضايقتهم بشتى الطرق، حيث تم سرقة المواشي والمحاصيل وحرق الخيام، كما تم هدم المنازل المبنية من الصفيح بدعوى البناء دون ترخيص.
وازداد الأمر سوءًا حين قررت حكومة الاحتلال هدم مدرسة بادية عين سامية والتي بنيت بتمويل بريطاني ومؤسسات عالمية على أرض تبرع بها أحد سكان قرية كفر مالك المجاورة.
وأفادت مصادر من قرية كفر مالك المجاورة، أن المستوطنين هجموا على خيام البدو ليلاً ورشقوها بالحجارة، وحرقوا محاصيلهم الزراعية.الأمر الذي اضطرهم للرحيل في شهر مايو الماضي.
استهداف المزارعين
من جهته، أكد المزارع ضياء رستم لـ"فلسطين بوست"، أن المزارعين في منطقة عين سامية يعانون من استهداف الاحتلال ومستوطنيه في محاولة لطردهم وإفراغ الأرض منهم ومن ملاكها الأصليين لفرض سيطرتهم عليها.
وأوضح رستم، أن المستوطنين بدأوا بهجماتهم واعتداءاتهم على المزارعين والسكان البدو بمنطقة عين سامية عام 2014، وتصاعدت الاعتداءات في كل عام، حيث تدرجت الاعتداءات للاعتداء على حرمات البيوت وسرقة المواشي مما دفع السكان للرحيل من المنطقة.
وأفاد رستم أنه وبعد التمكن من ترحيل السكان البدو، بقيت عقبة المزارعين هي العقبة الأخيرة أمام سيطرة الاحتلال على عين سامية، قائلاً: "أنا شخصياً تعرضت لاعتداء بإطلاق الرصاص علي والاستيلاء على "تراكتور" خاص بي، ما أدى لخسارة مادية كبيرة".
وتابع رستم: "الاستهدافات بدأت من تاريخ 22-5 العام الحالي ، بدايتها بالزحف الرعوي للمستوطنين نحو السهل، ومن ثم توالت الأحداث بإفلات أبقارهم وأغنامهم على مزارعنا التي تحوي الزعتر والقمح والحبوب والحمضيات وغيرها، بهدف توصيل رسالة واضحة للمزارعين وتخويفهم من العودة لأراضيهم".
وأكد أنه قبل أيام قليلة فقط، تم الاعتداء بشكل مباشر على المزارعين من قبل مجموعة من المستوطنين، مما أدى لوقوع بعض الإصابات.
ويتخوف رستم من عدم قدرة المواطنين على الاستمرار في عملية الدفاع وتحمل المزيد من الخسائر المادية والنفسية والشخصية في الأيام القادمة ، حيث أن الخسائر تكاد توصلهم إلى مرحلة العجز والتسليم بالأمر الواقع.
وبالقرب من "عين سامية"، نصب مستوطن إسرائيلي قبل ما يقارب 4 سنوات خيامًا على أراضي تابعة لسكان قرية كفر مالك المجاورة، في محاولة منه للسيطرة على مئات الدونمات الزراعية.
ويعتبر سكان القرية أن وجود المستوطن بحماية من جيش الاحتلال، هو بداية للسيطرة على الأرض التي تعد واحدة من أهم مناطق الضفة الغربية، والغنية بمياهها وأراضيها الزراعية.
انتهاكات يومية ومضايقات
من جانبه، عبر رئيس مجلس كفر مالك ناجح رستم، عن مخاوفه ومخاوف أهل قريته من سيطرة المستوطنين بحماية الاحتلال على الموقع.
وقال رستم: "الاحتلال ومستوطنيه يقومون بالاعتداء على الأراضي الزراعية في عين سامية، ويمنعون المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، ويمنعون رعاة الأغنام من الوصول للمراعي".
وأضاف: "كما يقومون بالاعتداء على الأراضي المزروعة ويقطعون الأشجار، فيما يجعلون قطعان من أغنامهم ترعى بالأراضي المزروعة".
وأكد رستم أن كل هذه الاعتداءات تكون بالتنسيق مع جيش الاحتلال وبحماية خاصة منه.
يُشار إلى أن عين سامية الواقعة على أراضي بلدة كفر مالك تحوي ست آبار مياه، تزود أغلب بلدات شرق رام الله بمياه الشرب، منذ ستينيات القرن الماضي.
كما وتحوي المنطقة آثاراً تعود لحقب كنعانية وبيزنطية وعثمانية، وما تزال ظاهرة حتى الوقت الحاضر، وتعد بمثابة السلة الغذائية لبلدة كفر مالك، حيث تزرع بالحبوب، والزعتر، والحمضيات، والخضار.
ويعتبر سكان قرية كفر مالك أنه في عين سامية لهم تاريخ وذكريات، وتمثل الجزء الأهم في وجدان السكان، وهي متنفس السكان، وشريان الحياة لهم.
ويقسم شارع استيطاني يدعى ألون أراضي عين سامية من النصف، ويمر عبره المستوطنون.
ويستخدم الاحتلال ميلشيات "فتية التلال" وغيرها لترهيب أهالي التجمعات في الأغوار ومناطق أخرى في الضفة المحتلة، بالإضافة لحزمة مشاريع قانونية لتسهيل التهجير وسرقة الأراضي، وفي السنوات الأخيرة تزايدت ظاهرة البؤر الاستيطانية الرعوية التي تنتشر في المناطق القريبة من التجمعات الفلسطينية البدوية، ويمارس المستوطنون فيها مختلف سياسات الإرهاب.
كتب: نور خصيب