أيقونة العملات

العملات

الدولار اليوم
اليورو اليوم
أيقونة الطقس

الطقس

أيقونة الإشعارات

اشعارات

تقارير بوست

الحرب تُحول الأعياد لمناسبة للحزن والقهر واستذكار الأحبة

5 يونيو 2025

مازالت الحرب المُستعرة على قطاع غزة، والتي أنهت مؤخراً شهرها العشرين على التوالي، تفرض حياة قاسية على سكان القطاع، وتحرمهم أبسط حقوقهم، وتحول بينهم وبين تأدية طقوسهم وشعائرهم الدينية.

ويستقبل الغزيون العيد الرابع على التوالي في ظل القهر والحزن، والنزوح، والحرمان والجوع، بينما تُواصل آلة الحرب الإسرائيلية قتلهم ليل ونهار.

وفي هذا العيد، كما أعياد ثلاثة سابقة، غابت مظاهر الفرحة، تحت وطأة الانهيار الاقتصادي والمعيشي غير المسبوق، لتبقى غزة غارقة في الحصار والدمار والدماء.

عيد بلا فرحة

وخلا عيد الأضحى الحالي من أية مظاهر فرحة أو بهجة، واستقبله النازحون في الخيام بمزيد من الحزن، بينما يؤكد البعض أنهم سيقتصرونه على تأدية صلاة العيد، وزيارة الأرحام ممن يمكن الوصول إليهم في ظل الوضع الحالي

وتقول المواطنة سماح مصطفى، إنها تستقبل ثاني عيد على التوالي بدون زوجها وابنها، اللذين فقدتهما جراء غارة على حي التنور شرق مدينة رفح، قبل حوالي 9 أشهر.

وأكدت مصطفى أن العيد هذا العام كان مناسبة للحزن، واسترجاع الذكريات، ففي كل عام كانت تقضي العيد برفقة عائلتها، ويقوم زوجها بذبح الأضحية، ويتزاورون، ويقضون أيام العيد بسعادة، لكها هذا العام تقضي العيد وسط خيمة في مواصي خان يونس، نازحة، مُشردة، بدون زوجها وأبنائها، بينما تعيش الجوع والحرمان، وتُعاني الامرين.

وأوضحت أن الحرب قلبت حياتهم رأساً على عقب، وبات الحزن واليأس يتملكهم، ولم يعد للفرح مكاناً في قلوبهم، والعيد يقتصر على الشعائر الدينية فقط.

بينما قال المواطن إبراهيم عرفات، وهو نازح في مواصي خان يونس، إنه تلقى نبأ قصف منزله وتدميره شرق خان يونس، قبيل العيد بيومين فقط، وهذا أدخل الخزن واليأس على أفراد عائلته، ممن كانوا يأملون بالعودة إلى المنزل والإقامة فيه بعد توقف العدوان، لكن هذا الأمر أصبح غير ممكن بعد التأكد من تدميره.

وتسائل عرفات عن أي شكل من أشكال الفرح ممكن أن يشعر به أطفاله في ظل الحزن والقهر الذي يعيشونه، ولم يعد العيد يشكل لهم أي نوع من الفرح أو الاحتفال، ومر كأي يوم، إن لم يكن أصعب، كونه حمل الذكريات الجميلة، وباتت المقارنات تُعقد بين اليوم والأمس.

حرمان من الأضحية

وحرم عيد الأضحى المبارك آلاف العائلات من تأدية مناسك الأضحية، إذ قال المواطن سامي ياسين، إنه اعتاد على تأدية شعيرة الأضحية كل عام، وقد حرمته الحرب منها للعام الثاني على التوالي، فقطاع غزة خالي من الأضاحي بجميع أنواعها بسبب الحصار، ولا أحد يستطيع توفير الأضحية، فحتى الدواجن واللحوم المُجمدة حرمهم الاحتلال منها.

وأكد أنه في مثل هذا الوقت من كل عام، يكون يواصل التنقل بين مزارع الأبقار برفقة أبنائه وباقي شركائه، ويبحثون عن أضحية مناسبة، ويستعدون لإقامة أجمل شعيرة، والاحتفال بالعيد، لكن وللعام الثاني يأتي العيد في ظل حرب وحصار، ونزوح، وجوع، والعيش في خيمة، ولا أحد يعلم ما ينتظر سكان القطاع.

وتمنى ياسين أن يُزيح الله الغمة، وينعم سكان القطاع بالأمن والأمان، ويؤدوا المناسك والشعائر الدينية دون قيود، ودون أن يكون الاحتلال جاثماً على صدورهم.

تضحية بدلاً من الأضحية

بينما يقول المواطن محمد قاعود، إنه وبينما يقف الحجاج على صعيد عرفات، وبعدها يضحون بالخراف والأبقار والإبل، نقف نحن هنا في غزة، ونضحي بأحبابنا، وفلذات أكبادنا، فالعيد يأتي هذا العامل لنُعلم الناس في العالم أجمع معنى التضحية والفداء من أجل دين الله، ومن أجلل وطننا وكرامتنا.

وأكد قاعود لـ"فلسطين بوست"، وقد فقد 10 من أفراد عائلته دفعة واحدة، بينهم والديه، وأشقائه، جراء قصف منزلهم في خان يونس، إن العيد رغم أنه يُعد مناسبة لتجديد الحزن، إلا أنه يشعر بالفخر لما قدمه وشقيقته اللذين نجيا من المجزرة من تضحية، ويدعو الله ان يجمعه بفلذات أحبابه.

وقال قاعود: كلنا ثقة بأن تضحياتنا لن تذهب سدى، وإن شاء الله العام القادم سيكون العيد عيداً للنصر والتمكين.

بينما تقول المواطنة فاطمة عبيد، إنها في كل عيد تستذكر أنها ضحت بـ 14 شخصاً من أقاربها وأحبائها بينهم والدها وأشقائها، وأن هذا هو المعنى الحقيقي للتضحية، وحالها كحال آلاف العائلات التي ضحت ومازالت تضحي بأحبتها.

وأكدت عبيد لـ"فلسطين بوست"، أنها كانت تتوقع أن تلقى هي وغيرها من أهالي القطاع دعماً وإسناداً من العالم أجمع، خاصة المسلمين والعرب، لكن ما وجدته كان صادماً، فقد شاهدت الخذلان في أبشع صوره، والناس في كل مكان يحتفلون بالعيد وسط فرحة كبيرة، بينما يواصل أهل غزة التضحية بأبنائهم وأحبتهم من اجل قضيتهم ودينهم، وشتان ما بين يُضحي بخروف، ومن يُضحي بعائلته من أجل دينه ووطنه.

عامان بلا حجاج

وللعام الثاني على التوالي حرم الاحتلال الآلاف من سكان قطاع غزة من المغادرة إلى الديار الحجازية لأداء فريضة الحج، بعد أن أغلق المعبر، ومنع السفر، وعطل عمل شركات الحج، كما حرم الاحتلال العائلات من أداء شعيرة الأضحية، لاسيما أن ثمة الكثير من العائلات اعتادت على تأديتها منذ سنوات طويلة.

ويقول المواطن "أبو هشام"، إنه كان يستعد لتأدية مناسك الحج، وينتظر قدوم موسمه في العام 2024، لكن حدثت الحرب، وتأمل أن يعوض ذلك في العام الحالي 2025، لكن للأسف مازال الاحتلال يمنع السفر، وحُرم للعام الثاني على التوالي الحجاج وحتى المعتمرين من تأدية المناسك، وهو يعرف الكثير من الأقارب والأصدقاء كانوا يُخططون للسفر للسعودية لتأدية مناسك العمرة، لكنهم حرموا من ذلك أيضاً، وهذا عمق حزنهم.

وأشار إلى أنه يُعاني أمراض ومشاكل صحية، ويخشى أن تأتيه المنية قبل أن يُحقق حلمه بتأدية مناسك الحج، موضحاً أن ما يتعرض له المواطنون في القطاع من قهر وإذلال كبير، أمر لا يُطاق، وقد حُرموا من أبسط حقوقهم، ويعيشون القهر والحرمان من كل شيء.

كتب: محمد الجمل