يستطيع الاحتلال أن يحارب الفلسطيني في رزقه وعمله ومسارات حياته المختلفة، فهو محتل لأرضه ويتحكم بخيرات وطنه، ولكنه يعجز أمام صاحب الكلمة والريشة، لوقع كلماتهم ورسوماتهم التي تتجاوز حدود الزمان والمكان إلى عوالم وأفق مختلفة، يختلقونها من عبق موهبتهم وأصالة فكرهم ومبدأهم، وأحقيتهم التي يثبتونها بإصرارهم وأملهم بالتحرير والنصر القريب.
قابلنا محمد الشلبي، فنان فلسطيني يجسد القضية الفلسطينية برسوماته الفنية، من أرض الأحرار والثوار "جنين".
بالثقة المعهودة لدى الفلسطيني بدأ قوله لنا: " لا يمكن للاحتلال أن يطمس تاريخنا ما دام نَفَسُنا موجود وثقافتنا ممتدة"
وعن بداية طريقه بالرسم يخبرنا: " من حوالي 40 سنة وأنا أرسم في مخيم جنين وكل أنحاء مدينة جنين، ومعظم لوحاتي الجدارية تحمل رسائل عن القضايا والثوابت الوطنية، وأبرزها اللاجئين وقضاياهم الحية، والحدث الأول الذي رسمته كان اجتياح عام 2002، وكنت معاصرًا له وقتها، وحاول الاحتلال إزالة وهدم الجداريات وكثير من اللوحات ولكنني لم أستسلم واستمريت برسم جدارياتي في مدينة جنين.
وأضاف: " اليوم في اجتياح عام 2023 أعيد الكرة وأرسم من جديد بإرادة قوية لتوصيل الرسالة للعالم أننا شعب مثقف ولديه حضارة وتاريخ لا يمكن للاحتلال طمسهما".
وأوضح لنا أن بيته من أحد المنازل التي تعرضت للقصف من قبل الطيران الإسرائيلي بصاروخين، مبينًا أنهم كانوا يجلسون داخل المنزل قرابة 15 فردًا من عائلته وعائلة الجيران وتم قصفه والاحتلال يعلم أن هناك سكان موجودون داخله، ولكن لطف الله أن الأضرار كانت مادية وليست بالأرواح.
وبين أن الرعب والخوف الذي عايشه أطفال المخيم أثر على نفسيتهم، وبالرغم من قوتهم إلا أنهم صغار، الأولى لهم اللعب والدراسة والفرح وليس الخوف وانعدام الأمان، لذلك أراد زرع الحياة والأمل داخلهم برسومات مبهجة تنزع من ذاكرتهم الوجع وتستبدله بالقوة والكفاح.
وختم قوله بغايته من الرسم فقال: " أرسم على جدران بيتي كرسالة ومقاومة للاحتلال بالريشة لنقل الحقيقة للعالم، فكل منا يختار طريقة يقاوم بها، فالمقاتل ينصر قضيته بدفاعه عنها بروحه، والمثقف والشاعر بكلماته، والرسام بريشته، وكلنا نعمل لخدمة هدف واحد وقضية حقيقية، ألا وهي نصرة فلسطين.