مع مرور الأيام بدأ حجم الكارثة التي خلفها "إعصار دانيال"، الذي ضرب مناطق الشرق الليبي تتضح أكثر فأكثر، وتأكدت المعلومات التي تحدثت عن وجود عشرات الضحايا والعائلات المفقودة من الجالية الفلسطينية في ليبيا.
"فلسطين بوست" نجحت بالتواصل مع بعض المواطنين الفلسطينيين المقيمين في مناطق الشرق الليبي، بعضهم شارك في جهود الإنقاذ، وحصلت على إفادات ومعلومات مروعة، توضح حجم الكارثة، وعدد الضحايا الكبير من الجالية الفلسطينية، وضعف جهود الإنقاذ في تلك المناطق.

تفاصيل الكارثة
وتقول المواطنة الفلسطينية عبير سليم، وتقيم في مدينة بني غازي الليبية، إن ما حدث كان كارثة كبيرة، حلت على آلاف الأسر، من بينها عدد كبير من العائلات الفلسطينية، كون مناطق الشرق الليبي بصفة عامة، مناطق جذب العمالة، لوجود مصانع ومؤسسات نفطية، وعلى مدار العقود الماضية انتقلت مئات العائلات الفلسطينية للإقامة هناك.
وأكدت سليم لـ"فلسطين بوست"، أن الأمطار الغزيرة جداً التي رافقت العاصفة "دانيال"، والتي تجاوزت 400م ملم في ساعات قليلة، تسببت بتشكل سيل كبير سلك طريق وادي جاف، وحين وصلت المياه لسد درنة احتجزها السد، لكن قدم السد وضعفه، لم يصمد أمام الكميات المهولة من المياه التي واصلت ضرب بوابات السد بقوة حتى انهار.
وتابعت: " انهيار السد أدى لاندفاع المياه بقوة شديدة ناحية القرى والمنازل، وانقسمت الكارثة لقسمين، الأول أصاب سكان مجرى الوادي مباشرة، إذ جرفت المياه المنازل بسكانها، وسحبتهم بعيداً، والثاني أصاب المنازل التي تبعد عشرات وحتى أمتار عن المجرى، وتسبب بغمرها بالمياه، التي زاد ارتفاعها على 20 متراً، فمات الناس غرقا في منازلهم.
وأوضحت أن العاصفة وانهيار السد كان في جنح الظلام، ورافقه اقتلاع أعمدة الكهرباء والهاتف، وجرف طرقات وسيارات، وتوقف كلي لجميع الخدمات، وهذا جعل المناطق المنكوبة شبه معزولة، ما عرقل بشكل كبير جهود الإنقاذ، وسرع وصول الضحايا ممن جرفتهم المياه للبحر، حيث قذفهم الوادي داخل البحر.
وأكدت أن هناك عشرات العائلات الفلسطينية مفقودة، ولم تتمكن الجهات المختصة من معرفة مصيرها حتى هذه اللحظة، وهذا دفع مئات المتطوعين بينهم شبان فلسطينيين للتدفق للمناطق المنكوبة، في محاولة للمساعدة في جهود البحث عن الضحايا، والتحقق من مصير عشرات العائلات الفلسطينية.
وأوضحت أن ثمة خطورة مرتفعة باحتمال انهيار سدين في محيط مدينة بني غازي الليبية، جراء تجمع كميات كبيرة من المياه أمامهما، وهناك تصدعات حدثت فيها، وثمة عمليات نزوح واسعة لعائلات تقع منازلها في محيط مجاري السدين المذكورين.
البحر يقذف آلاف الضحايا
ومنذ يوم أمس الثلاثاء، بدأت أمواج البحر بإخراج وقذف الآلاف من جثث الضحايا ممن جرفهم السيل، لكن وفق معلومات وصلت "فلسطين بوست"، فإن هناك صعوبة شديدة في التعرف على هويات الضحايا، نظراً للتشوهات التي أصابت بعض الجثث جراء ارتطامها في أجسام صلبة خلال جريان الوادي، وظهور علامات تحلل على بعضها، مع غياب ناجين من العائلات للتعرف على الضحايا.
وأكد مواطنون فلسطينيون أن العائلات الناجية من الإعصار تواجه مشكلات كبيرة، بعد أن فقدت المأوى، وجرفت السيول الشوارع، وتوقفت الخدمات، فمنطقة درنة لم تعد صالحة للعيش في شكلها الحالي، وهناك جهود لنقل الناجين لمناطق أخرى، وتوفير مأوى جديد لهم، وسط مخاوف من حدوث أوبئة وأمراض بسبب عدد الجثث الكبير.

وأعلنت عائلات في قطاع غزة عن فتح بيوت عزاء لأقاربها اللذين توفوا في ليبيا، إذ فتحت عائلة أبو عمرة في مدينة دير البلح بيت عزاء ل 12 فرداً من أبناء العائلة من ضحايا العاصفة، بينما أكد الدكتور حسن دوحان، أن العائلة فقدت ابن عمه ناصر عطية دوحان، وزوجته وستة من أبنائه، في حين تواصل عائلات أخرى اتصالاتها بهدف الحصول على معلومات عن أبنائها المفقودين.
وغادر صباح أمس الثلاثاء، فريق فلسطيني، متوجهًا إلى ليبيا للمشاركة في عمليات إنقاذ ضحايا إعصار دانيال الذي ضرب المنطقة الشرقية من البلاد.
وبحسب الدفاع المدني، فإن الفريق الذي يضم عناصر من الدفاع المدني ووزارة الصحة وجهات مختصة، توجه في مهمة إغاثية لإنقاذ الضحايا، ضمن فريق الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولية "بيكا".
وكان مستشار وزير الخارجية، السفير أحمد الديك، إن الوزارة تتابع كارثة حقيقية ولديها معلومات مؤكدة عن فقدان عشرات الأسر الفلسطينية، معلنًا ارتفاع عدد الضحايا إلى 23 حتى ساعات صباح اليوم.
وكان متحدث باسم جهاز الإسعاف والطوارئ الليبي أعلن في وقت سابق أن أعداد قتلى الفيضانات تجاوز 5300، بينما هناك أكثر من 5000 شخص في عداد المفقودين، مضيفاً أن إحصاء أعداد المصابين جراء الفيضانات غير ممكن، وتابع: "نواصل عمليات انتشال الجثث جراء الفيضانات".

كتب: محمد الجمل
23 شهيداً وعشرات الأسر المفقودة جراء إعصار ليبيا
ارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين في إعصار ليبيا والرئيس عباس يوعز بإرسال الدفاع المدني