أيقونة العملات

العملات

الدولار اليوم
اليورو اليوم
أيقونة الطقس

الطقس

أيقونة الإشعارات

اشعارات

نابلس

والدة الشهيد رشيد أبو عرة تهزم الوحدة من خلال صناعة قلادات الشهداء

2 يونيو 2023

تُطيل النظر في صورته، تتأمل ملامحه المحفورة في قلبها، تجد أنسها في مبسمه وذكرياته، ولا تمل من إمعان النظر إلى قلادة تحمل صورة نجلها الشهيد، بل لا تفارقها، تكفكف دمعها ثم تتأمل حال رفيقاتها من أمهات الشهداء، تُرى هل يدركن هذا الحل السحري ليخفف عنهن وطأة وألم الفراق؟!

من هنا جاءت الفكرة لوالدة الشهيد رشيد أبو عرة، "أن تصنع قلادات تحمل صور الشهداء وتهديهن لأمهاتهم"، وبهذه الفكرة تقتل الوحدة التي تطوقها بعد غياب "ضحكة البيت" كما تسميه، حيث ارتقى نجلها رشيد (16 عاماً) برصاص الاحتلال في 12/5/2022 خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال في قرية عقابا شمال شرق الضفة الغربية قبيل عام. 

IMG_20230602_193140_786
تصف والدة الشهيد رشيد أبو عرة نجلها بالملاك الصغير، لأنه أصغر أبنائها ومن يرسم الضحكة على وجهها ووجه أشقائه، وتضيف، كان يسعى رشيد إلى تحقيق طموحه وأحلامه من خلال "بسطة ذرة" يبيع عليها بالقرب من منزلنا، لكن الاحتلال قتله وقتل أحلامه وطموحاته في موقع عمله. 

والدة الشهيد رشيد

وتقول والدة الشهيد رشيد، إنها باتت تشعر بفراغ كبير بعد استشهاد نجلها، وتفكر دائم بذكرياته في كل زوايا البيت، مضيفةً أن رشيد كان يملأ البيت بالحيوية والنشاط والمزاح معها ومع أخوته.

تستطرد أم رشيد أنها قررت القضاء على الوحدة من خلال إكمال مسيرة نجلها ورسالته، وذلك من خلال زيارة عوائل الشهداء، والوقوف بجانب قضية الشهداء المحتجزة جثامينهم، بالإضافة إلى صناعة قلادات تحمل صور الشهداء. 

وتشير والدة الشهيد رشيد إلى أنها بدأت في الحفر على الخشب، وصناعة قلادات تحمل صور الشهداء، بعد استشهاد نجلها بأشهر، مؤكدةً أنها لا تعمل من أجل جني المال، وإنما تسعى فقط لإكمال رسالة نجلها، ومساندة أهالي الشهداء، فتضع ما في قلبها من ذكريات وأشواق على قلادة خشبية تحمل عبارة وصورة شهيد. 

IMG_20230602_193140_912
ترتجف يد والدة الشهيد رشيد عندما تصنع قلادة للشهداء، وتحفر على الخشب بشكل بطيء مفعمٌ بالحب والشوق والحنين، وعندما تكتب العبارات على قلادات الشهداء تستذكر نجلها في كل عبارة، كأنها تكتب إليه، وتبتسم تارةً أثناء العمل بعد شعورها بقرب نجلها منها، وتحزن تارةً على فراقه، لأنه لم يغب عنها يوماً قبل استشهاده. 

وتؤكد والدة الشهيد رشيد أبو عرة أنها تشعر بالفخر والفرح والقوة خلال عملها، بسبب قضاء وقت الفراغ بعمل قريب من قضية نجلها، وأنه معها بكل خطوة تخطوها، وتنتظر يوم السبت بشكل خاص، لأنه اليوم التي تخرج فيها من المنزل للعمل، وتقول بأن عملها أصبح جزءاً من حياتها، بسبب رؤية الناس والابتعاد عن الوحدة.

وعندما تزور والدة الشهيد رشيد عائلة شهيد، فإنها تخرج من ثوبها قلادة الشهيد الجديد وتضعه في رقبة والدته، مهنئةً إياها بالوسم الجديد الذي أعطاها إياه ابنها وهو "ام الشهيد"، وتسود مشاعر الفخر والتكبير والفرح بين كلا الطرفين بعد هذه القلادة، لافتةً إلى أن الشهيد ليس عبارة عن قلادة فقط، وإنما رمز يتعلق بالقضية الفلسطينية التي قضى ابنها من أجلها. 

وتتساءل والدة الشهيد رشيد عن موعد لقائها بنجلها الذي لم يفارق عقلها وقلبها منذ لحظة استشهاده، وتقول له في نهاية المقابلة: "اشتقتلك يما كثير، نفسي أشوفك وأحضنك، طبعتلك صورة في قلبي وعقلي وروحي وأنا ما رح أنساك، الله يرضى عليك". 

في كل بقاع العالم يعتبر المنزل المكان الآمن، إلا في فلسطين لا يعتبر المنزل لأمهات الشهداء سوى ذكريات وأشواق تحمل صور أبنائهنَّ الذين قضوا برصاص الاحتلال أو الذين غيبهم الاحتلال في غياهب السجون لأشهر وأعوام طويلة.

IMG_20230602_193140_803
 

كتب: مجاهد طبنجة

3 شهداء برصاص الاحتلال وإصابات بتفجير منازل في نابلس