أيقونة العملات

العملات

الدولار اليوم
اليورو اليوم
أيقونة الطقس

الطقس

أيقونة الإشعارات

اشعارات

رام الله

سلام عى أمهات أثمرت ببطونهن أبطالاً

25 يونيو 2024

تجلس على أريكة متواضعة وسط بيت اتصف بالبساطة، لا تقوى على المشي إلا لمسافات قصيرة جدا داخل هذا المنزل ، ولو أرادت الانتقال من غرفة نومها إلى غرفة أخرى لاستغرق معها الوقت أكثر من ساعة..
تفضل قضاء معظم وقتها مع مصحفها الذي تضعه أمامها لتختم صفحات من القرآن الكريم بشكل يومي وبخشوع وتمعن..

ربما تتساءلون عن من أتحدث؟؟ 
إنها والدة الشهيد صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي قاد معركته مع الاحتلال في أزقة الضفة الغربية، وأشرف بشكل مباشر على عمليات القسام فيها.. حتى بات كل من يسمع باسمه عرفه عن قرب أم لم يعرفه دمعت عيناه وترحم عليه بحرقة وألم الفقد..

هذه الأم الصابرة والصامدة لم تعد أم شهيد فقط .. بل أصحت أم لثلاثة أسرى في سجون الاحتلال... لم يكتف الاحتلال باغتيال العاروري، بل  خاض عمليات انتقامية ضد العائلة التي خرّجت هذا القائد، اعتقل شقيقتيه .. دلال وفاطمة وشقيقه سليمان.

هذه الأم الصابرة" عائشة العاروري" بدأت رحلتها مع المعاناة منذ أكثر من عشرين عاماً عقب تعرض القيادي صالح العاروري للملاحقة من قبل جيش الاحتلال، ومن ثم اعتقاله لمدة 15 عاماً، قبل أن يطلق سراحه ليعيد الاحتلال اعتقاله من جديد لثلاثة أعوام أخرى.

تقول الحاجة عائشة والدة الشهيدالعاروري: "18 عامًا، لم أترك سجنًا إلا وقصدته".

لكن الزيارة التي حُفرت في ذاكرتها كانت في سجن النقب، حيث عادت في ساعة متأخرة من الليل، ووجدت زوجها (والده) قد توفي ودُفن بدون أن تودّعه، وهو الذي أوصاها عند خروجها من البيت فجرا أن توصل له رسالة: "أبوك بخير ما بدو من الدنيا إلا رؤيتك".

وبتنهيدة ألم ، تذكرت الحاجة عائشة ذلك اليوم الذي خرج فيه ابنها من السجن، وأخبرها بأمر إبعاده.
وقالت بحسرة : "فضلت ألّا أراه على أن يبقى في السجن، وفضلت إبعاده ليبدأ حياته مع زوجته حتى لو بعيداً عني".
فقد كان العاروري قد أتم خطبته على فتاة من البلدة قبل اعتقاله الطويل، وبعد الإفراج عنه في 2007 تزوج ، لكن الاحتلال لم يمهله الكثير، فبعد 3 أشهر أُعيد اعتقاله 3 سنوات أخرى، خرج بعدها مبعدا إلى سوريا، ومن ثم تنقل في عدد من البلدان".
 
هنا فضلت عدم الدخول في تفاصيل حياة العاروري وكيفية استشهاده.. فهذا أمر لا يخفى على كل بيت فلسطيني حتى الأطفال يعرفون قصة هذا البطل الملقب بـ "شيخ البلاد".

فصالح العاروري، رجل حفر اسمه في تاريخ النضال الفلسطيني، لا يمكن لمن عرفه وعايشه أن ينساه ولا يمكن أن يُمحى من ذاكرة الأجيال اللاحقة.

وعلى الرغم من فقدان الحاجة عائشة لنجلها صالح استقبلت الخبر بتوزيع الحلوى وبعبارات تلقي فيها صبراً وقوةً على عائلتها، فأول ما قالته عند تلقيها الخبر كما يذكر الجميع :" ما تزعلو لازم تفرحو.. صالح نال ما تمنى".

وإمعاناً في الحقد الصهيوني المتجذر في نفوس الصهاينة، لم يمهل الاحتلال العائلة وقتاً طويلاً لمحاولة جمع قواها بقدان نجلها.. حتى عاد لينتقم من العائلة باعتقال شقيقات الشيخ دلال وفاطمة العاروري وشقيقه سليمان العاروري.. وما زالو حتى الآن من اكثر من 6 أشهر يقبعون في سجون الاحتلال دون معرفة أي تفاصيل عنهم .

واغتال جيشُ الاحتلال، نائبَ رئيس المكتب السياسي لـ "حركة حماس"، وقائد الححركة بالضفة الغربية الشّيخ صالح العاروري في الثاني من يناير 2024، في العاصمة اللبنانية بيروت، بقصف صاروخي، ما أسفر عن استشهاده، وستة آخرين.